سورة ق - تفسير تفسير الثعالبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ق)


        


{لهم ما يشاؤون فيها} وذلك أنهم يسألون الله حتى تنتهي مسألتهم فيعطون ما سألوا ثم يزيد الله عبيده ما لم يسألوا مما لم يخطر بقلب بشر وهو قوله تعالى: {ولدينا مزيد} وقيل: المزيد، هو النظر إلى وجهه الكريم قيل: يتجلى لهم الرب تبارك وتعالى في كل جمعة في دار كرامته فلهذا هو المزيد.
قوله تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم} أي قبل كفار مكة {من قرن هم أشد منهم بطشاً} يعني سطوة والبطش الأخذ بصولة وعنف {فنقبوا في البلاد} أي ساروا وتقلبوا في البلاد وسلكوا كل طريق {هل من محيص} أي فلم يجدوا لهم محيصاً أي مهرباً من أمر الله وقيل: لا يجدون لهم مفراً من الموت بل يموتون فيصيرون إلى عذاب الله وفيه تخويف لأهل مكة لأنهم على مثل سبيلهم {إن في ذلك لذكرى} أي إن فيما ذكر من إهلاك القرى تذكرة وموعظة {لمن كان له قلب}. قال ابن عباس: أي عقل. وقيل: له قلب حاضر مع الله واعٍ عن الله {أو ألقى السمع} أي استمع القرآن واستمع ما يقال له لا يحدث نفسه بغيره {وهو شهيد} أي حاضر القلب ليس بغافل ولا ساه.
قوله تعالى: {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} أي إعياء وتعب قال المفسرون نزلت في اليهود حيث قالوا: خلق الله السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة ثم استراح يوم السبت واستلقى على العرش فلذلك تركوا العمل فيه فأنزل الله تعالى هذه الآية رداً عليهم وتكذيباً لهم في قولهم استراح يوم السبت بقوله تعالى: {وما مسنا من لغوب}.
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره: والظاهر أن المراد الرد على المشركين والاستدلال بخلق السموات والأرض وما بينهما فقوله: {وما مسنا من لغوب} أي ما تعبنا بالخلق الأول حتى لا نقدر على الإعادة ثانياً كما قال الله تعالى: {أفعيينا بالخلق الأول} الآية وأما ما قاله اليهود ونقلوه من التوراة فهو إما تحريف منهم أو لم يعلموا تأويله وذلك أن الأحد والاثنين أزمنة مستمرة بعضها بعد بعض فلو كان خلق السموات والأرض ابتدئ يوم الأحد لكان الزمان قبل الأجساد والزمان لا ينفك عن الأجساد فيكون قبل خلق الأجسام أجسام لأن اليوم عبارة عن زمان سير الشمس من الطلوع إلى الغروب وقبل السموات والأرض لم يكن شمس ولا قمر لكن اليوم قد يطلق ويراد به الوقت والحين وقد يعبر به عن مدة الزمان أي مدة كانت قوله عز وجل: {فاصبر على ما يقولون} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أي: اصبر يا محمد على ما يقولون أي من كذبهم فإن الله لهم بالمرصاد وهذا قبل الأمر بقتالهم {وسبح بحمد ربك} أي صلِّ حامداً لله {قبل طلوع الشمس} أي صلاة الصبح {وقبل الغروب} يعني صلاة المغرب. قال ابن عباس: صلاة الظهر والعصر.


{ومن الليل فسبحه} يعني صلاة المغرب والعشاء. وقيل: يعني صلاة الليل أي وقت صلى {وأدبار السجود} قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهما: أدبار السجود الركعتان بعد المغرب، وأدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر. وهي رواية عن ابن عباس.
ويروى مرفوعاً عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر».
(م) عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» يعني بذلك سنة الفجر، عن ابن مسعود، قال: «ما أحصى ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل صلاة الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب.
وقيل: في قوله وأدبار السجود: التسبيح باللسان في أدبار الصلوات المكتوبات.
(خ) عن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسبح في أدبار الصلوات كلها يعني قوله وأدبار السجود.
(م) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين فذلك تسعة وتسعون ثم قال: تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر».
(خ) عنه «أن فقراء المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم فقال وما ذاك؟ قالوا صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال قال أفلا أخبركم بأمر تدركون به من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله تسبحون في دبر كل صلاة عشراً وتحمدون عشراً وتكبرون عشراً».
قوله تعالى: {واستمع يوم يناد المناد} يعني استمع يا محمد حديث يوم ينادي المنادي. وقيل: معناه انتظر صيحة القيامة والنشور. قال المفسرون: المنادي هو إسرافيل يقف على صخرة بيت المقدس فينادي بالحشر فيقول: يا أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء، وهو قوله تعالى: {من مكان قريب} قيل: إن صخرة بيت المقدس أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً وقيل: هي في وسط الأرض.


{يوم يسمعون الصيحة بالحق} أي الصيحة الأخيرة {ذلك يوم الخروج} أي من القبور {إنا نحن نحيي} أي في الدنيا {ونميت} يعني عند انقضاء الأجل {وإلينا المصير} أي في الآخرة وقيل: تقديره نميت في الدنيا ونحيي للبعث وإلينا المصير بعد البعث {يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً} أي يخرجون سراعاً إلى المحشر وهو قوله تعالى: {ذلك حشر علينا يسير} أي هين {نحن أعلم بما يقولون} يعني كفار مكة في تكذيبك {وما أنت عليهم بجبار} أي بمسلط تجبرهم على الإسلام إنما بعثت مذكراً وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد} أي ما أوعدت به من عصاني من العذاب قال ابن عباس: قالوا يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت: {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد} أي عظ بالقرآن من يخاف وعيدي والله أعلم بمراده.

1 | 2 | 3